معنى لا إله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقفة الأولى في الاعتقاد
معنى لا إله إلا الله
فإن الله عز وجل ما خلق الخلق إلا لعبادته قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (الذريات:56). فعبادته هي الأساس والحكمة والغاية التي خلقت من أجلها الخليقة.
وكانت كلمة التوحيد، كلمة (لا إله إلا الله) التي تدل على عبادة الله وحده هي أساس دعوة الرسل والأنبياء عليهم السلام وهي أصل كل دين أنزله الله تعالى.
لذا يجب على كل مسلم أن يعلم معنى هذه الكلمة العظيمة ويعمل بمقتضاها، لينال رضا الله، وتكون سببًا له في دخول الجنة، ولذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)) (محمد:19).
إن أصل الإسلام يقوم على الشهادتين: شهادة " أن لا إله إلا الله " وشهادة " أن محمداً رسول الله ".
فلفظ (إله) مأخوذ من التأله الذي تألهه القلوب، أي تتجه له وتقصده وتخضع له وتذل له وتتعلق به خشية وإنابة ومحبة وخوفاً وتوكلاً عليه، وهو التعبد ومعناه المعبود المطاع.
لا إله: نفي جميع ما يعبد من دون الله تعالى.
وإلا الله: إثبات جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له.
فيكون المعنى: لا معبود بحق إلا الله. وتقييدها "بحق" لنخرج من عُبِدَ بالباطل، وهم كل من صرف له نوع من أنواع العبادة من دون الله تعالى.
ومنه نعرف أنَّ من فسَّر هذه الكلمة العظيمة بقوله: لا خالق إلا الله. فهو تفسير قاصر باطل، ويشهد لبطلانه أنَّ المشركين السالفين كانوا يقرون بأنَّ الله تعالى هو الخالق، كما قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يؤْفَكُونَ} [العنكبوت:61]. وقال سبحانه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يؤْفَكُونَ} [الزخرف:87]. وغيرها من الآيات الدالة على إقرار المشركين بأنَّ الله هو الخالق الرازق، وبهذا الإقرار لم يخالفوا الرسل والأنبياء عليهم السلام، وإنما كان خلافهم فيمن يستحق العبادة، وبهذا نعلم أنَّ المعنى الحقيقي لكلمة (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله.
فمَن أطاع الله تعالى، وتذلل وخضع له، واستغاث به، واستعان به، وتوكل عليه، وخاف منه، ورجاه، وذبح له، ونذر له، ولم يصرف شيئًا منها لغير الله تعالى، ولم يشرك أحدًا في هذه العبادات لا نبيًا مرسلًا، ولا ملكًا مقربًا، ولا وليًا صالحًا فقد أقام التوحيد، ومَن صرف نوعًا واحدًا فقد أشرك في عبادة الله تعالى وخالف دعوة الأنبياء والمرسلين.
مسألة: يقول لا إله إلا الله ولكنه عند وقوعه في شدة أو كربة يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الولي الصالح.
فنقول: من مقتضيات كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لا بد من تحقيق العمل وموافقته للاعتقاد، وليس نطقًا باللسان فقط، فيمتثل حينئذٍ بمقتضى هذه الشهادة ما أمر الله به ويجتنب ما نهى عنه، وإنَّ مما أمر الله به أن لا يستغاث إلا به، قال الله تعالى: ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)) [الأنفال: 9]. فعلق سبب إجابتهم باستغاثتهم لربهم، مع أنَّ أكرم الخلق ورسول الحق صلى الله عليه وسلم بينهم، وما التجأوا إليه أو استغاثوا به؛ بل رفع صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ويستغيث ربه عز وجل أن ينصرهم على عدوهم.
وكتب
د. ناجي بن إبرهيم الدوسري
13/ذي الحجة/1441هـ
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "معنى لا إله إلا الله"
إرسال تعليق