أحاديث مسح الوجه بعد الدعاء
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، وبعد:
روي في مسح الوجه بعد الدعاء أحاديث:
الحديث الأول: من طريق
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا دعوت فادع الله ببطون كفيك، ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك".
وروي بألفاظ مقاربة سيأتي تخريجها.
أخرجه: عبد بن حميد في
"مسنده" 2/220 (716) قال: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سعيد بن محمد
الثقفي، وابن ماجه في "سننه" 1/373 (1181) قال: حدثنا أبو
كريب، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عائذ بن حبيب، والمروزي في "محتصر قيام
الليل":327 قال: حدثنا محمد بن الصباح، ثنا عائذ بن حبيب الأصم، والطبراني في
"المعجم الكبير" 10/319 (10779) قال: حدثنا المنتصر بن محمد بن المنتصر،
ثنا الحسن بن حماد الحضرمي، ثنا سعيد بن محمد الثقفي الوراق. والحاكم في
"المستدرك" 1/719 (1968) قال: حدثناه أبو بكر بن أبي نصر المروزي، ثنا
أبو الموجه، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا وهيب بن خالد، والبغوي في "شرح
السنة" 5/204 قال: وأخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر القفال، حدثنا أبو منصور
أحمد بن الفضل البرونجردي، نا بكر بن حماد بن محمد بن حمدان الصيرفي، نا عبد الصمد
بن الفضل، نا خلف بن أيوب، نا عائذ بن حبيب.
ثلاثتهم:
(سعيد بن محمد الثقفي، وعائذ بن حبيب، ووهيب بن خالد) عن صالح بن حسان الأنصاري،
عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس رضي الله عنه.
وهذا الطريق مداره
على صالح بن حسان الأنصاري:
قال أحمد بن
حنبل: ليس بشيء. (العلل-رواية عبد الله (1279))، وقال: يحيى بن معين: ليس حديثه
بشيء. (التاريخ والعلل-رواية الدوري (682))، وقال البخاري: منكر الحديث. (التاريخ
الكبير (2793))، وقال النسائي: متروك الحديث. (الضعفاء والمتروكون (296))، وقال
عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: صالح بن حسان ضعيف الحديث منكر الحديث. قلت:
يكتب حديثه، قال: هو ضعيف الحديث. (الجرح والتعديل 4/398))، وقال ابن حبان: وكان
ممن يروي الموضوعات عن الأثبات حتى إذا سمعها من الحديث صناعته شهد لها بالوضع.
(المجروحون 1/367-368)، وقال ابن عدي: صالح بن حسان له غير ما ذكرت وليس بالكثير
وقد روى عنه بن أبي ذئب كما ذكرت وبعض أحاديثه فيها إنكار، وهو إلى الضعف أقرب منه
إلى الصدق. (الكامل في ضعفاء الرجال 5/80)، وقال أبو نعيم: منكر الحديث متروك.
(الضعفاء (98)).
وجاءت متابعة
لصالح بن حسان لكنها لا تصلح لإبهام حال الراوي:
أخرجه: أبو
داود في "سننه" 2/78 (1485) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد
الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، ومن طريقه البيهقي
في "السنن الكبرى" 2/301 قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ محمد بن
بكر، ثنا أبو داود وهو السجستاني، ثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا عبد الملك بن محمد
بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه.
وهذه الطريق
فيها علتان: جهالة عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، قال ابن القطان الفاسي: وعبد الله
بن يعقوب بن إسحاق لا يعرف أصلا. (بيان الوهم والإيهام 3/50)، وقال في موضع آخر: فإني
أجهدت نفسي في تعرفه فلم أجد أحدا ذكره. (3/449)، وقال ابن حجر: مجهول الحال.
(تقريب التهذيب (3720)).
والثانية:
إبهام الراوي عن محمد بن كعب القرظي.
وتابعه عيسى
بن ميمون المدني الواسطي:
أخرجه:
المروزي في "مختصر قيام الليل": 327 قال: حدثنا إسحاق، أخبرنا محمد بن
يزيد الواسطي، ثنا عيسى بن ميمون، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ثم لا
تردوها حتى تمسحوا بها وجوهكم"، وفي رواية: "فإن الله جاعل فيها البركة".
وعيسى بن
ميمون هذا لا يصلح للمتابعات فقد قال فيه البخاري: منكر الحديث. (التاريخ الكبير
(2781)). وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال عمرو بن علي: متروك الحديث. وقال أبو
حاتم: متروك الحديث. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. (الجرح والتعديل 6/287 (1595). وقال
النسائي: متروك الحديث. (الضعفاء والمتروكون (425)).
قال أبو داود
السجستاني: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق
أمثلها وهو ضعيف أيضًا. (سنن أبي داود (1485)).
وقال أبو حاتم
الرازي: فَقَالَ: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ. (علل ابن أبي حاتم 6/340).
وقال ابن رجب:
إسناده ضعيف. (فتح الباري لابن رجب 9/222).
وقال النووي: اتَّفقُوا
عَلَى ضعفه. (خلاصة الأحكام 1/461).
الحديث
الثاني: من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن
النبي ﷺ إذا رفع يديه في الدعاء لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه. وورد بألفاظ مقاربة
سيأتي تخريجها.
أخرجه: عبد بن
حميد في "مسنده" 1/100 (39)، والترمذي في "جامعه" (3386) قال:
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، وإبراهيم بن يعقوب، والبزار في "مسنده"
1/243 (129) قال: حدثنا محمد بن المثنى، والطبراني في "الدعاء" (212)
قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا الحسن بن علي الحلواني، و(213) قال: حدثنا علي
بن عبد العزيز، ثنا معلى بن مهدي الموصلي، وفي "المعجم الأوسط" له 7/124
(7053) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سهل العسكري، ثنا محمد بن بكار العيشي، والحاكم
في "المستدرك" 1/719 (1967) قال: خبرني أبو الحسن محمد بن الحسن، ثنا
عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا نصر بن علي، ومحمد بن موسى الخرشي.
سبعتهم: (عبد
بن حميد، ومحمد بن المثنى، وإبراهيم بن يعقوب، والحسن بن علي، ومعلى بن مهدي،
ومحمد بن بكار، ومحمد بن موسى) عن حماد بن عيسى، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم
بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن عمر رضي الله عنه.
ومدار هذا
الطريق على حماد بن عيسى البصري. وهو ضعيف الحديث. قال أبو داود" ضعيف. (سؤالات
أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني (298)). وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. (الجرح
والتعديل 3/145 (636)). وقال الدارقطني: ضعيف الحديث. (المؤتلف والمختلف 3/1515).
وقد تفرد حماد
بن عيسى بهذا الحديث ولم يتابع عليه. قال الترمذي عقيب الحديث: هذا حديث غريب، لا
نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قليل الحديث.
وفي جميع
النسخ المعتمدة (غريب) وليس (صحيح غريب) كما أثبته المحقق الدكتور بشار عواد معروف
وهو الصواب.
قال النووي: وأما
قول الشيخ عبد الحق في كتابه "الأحكام" أن الترمذي قال: "هو حديث
صحيح"، فغلط إنما قال الترمذي: "حديث غريب". (خلاصة الأحكام
1/463).
وقال البزار: حماد
بن عيسى وهو لين الحديث وإنما ضعف حديثه بهذا الحديث ولم نجد بدا
من إخراجه إذ كان لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه أو من وجه
دونه.
وقال
الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: حماد بن عيسى
الجهني.
الحديث
الثالث: من طريق يزيد بن سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه.
أخرجه: أحمد
في "مسنده" 29/462 (17943)، وأبو داود في "سننه" (1492)،
والطبراني في "المعجم الكبير" 22/241 (631) قال: حدثنا جعفر بن محمد
الفريابي، والبيهقي في "الدعوات الكبير" 1/421 (310) قال: أخبرنا أبو
علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر، حدثنا أبو داود، وأبو نعيم في "معرفة
الصحابة" (6614) قال: حدثنا أبو بكر الآجري، ثنا جعفر الفريابي، ح، وحدثنا
أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، ح، وحدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا
علي بن طيفور.
خمستهم:
(أحمد، وأبو داود، وجعفر بن محمد الفريابي، والحسن بن سفيان، وعلي بن طيفور) عن قتيبة
بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد،
عن أبيه رضي الله عنه.
والحديث فيه
علتان: ضعف عبد الله بن لهيعة فقد ضعفه جمهور أهل الحديث كعبد الرحمن بن مهدي،
ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن
المديني، والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة،
والعقيلي، وابن حبان، وابن عدي، والدارقطني، وغيرهم. قال الإمام مسلم: تركه ابن
مهدي، ويحيى، ووكيع. (الكنى 1/519). وقال الترمذي: وابن لهيعة ضعيف عند أهل
الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره. (جامع الترمذي (10)). وإنما ذكرت تضعيف هؤلاء الأئمة له لأنه بعضهم قبل حديثه.
والثانية: جهالة
حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص. قال الذهبي: يجهل. (الكاشف 1/343 (1168)). وقال
ابن حجر: مجهول. (تقريب التهذيب (1434)).
قال الزيلعي: وهو
معلول بابن لهيعة. (نصب الراية 3/51).
وقال المنذري:
في إسناده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف. (مختصر سنن أبي داود 1/432).
الحديث
الرابع: من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم: "إن ربكم حيي كريم، يستحيي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرًا، لا خير
فيهما، فإذا رفع أحدكم يديه فليقل: يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، يا أرحم
الراحمين، ثلاث مرات، ثم إذا رد يديه فليفرغ الخير على وجهه".
رواه
الطبراني، وفيه الجارود بن يزيد، وهو متروك.
ولم أقف على
إسناده وهو في "مجمع الزوائد" 10/169 (17340).
ومدار الحديث
على الجارود قال فيه ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو منكر الحديث، لا يكتب حديثه
كذاب. (الجرح والتعديل 2/252)، وقال البخاري: منكر الحديث، كان أبو أسامة يرميه.
(التاريخ الكبير 2/237).
الحديث
الخامس: من طريق الزهري كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه بحذاء صدره
إذا دعا، ثم يمسح بها وجهه، قال: ورأيت معمرًا يفعله، قلنا لعبد الرزاق: أترفع
يديك إذا دعوت في الوتر؟ قال: نعم في آخره قليلًا.
أخرجه: عبد
الرزاق في "مصنفه" 3/122 (5003) عن معمر، عن الزهري مرسلًا.
والحديث مرسل
ليس بحجة كما هو مقرر عند أهل العلم. وخاصة مراسيل الزهري فإنها من أردئ المراسيل،
وليست بشيء.
فكما ترى كل
الطرق ضعيفة ومنها منكرة ولا تصلح للمتابعات ولا للشواهد.
والحمد لله
أولًا وآخرًا.
وكتب د. ناجي
الدوسري
الخميس
13/شعبان/1440
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "أحاديث مسح الوجه بعد الدعاء"
إرسال تعليق