أهمية الجرح والتعديل
علم الجرح والتعديل من أنبل العلوم ، وأجل الفنون ، لذلك لا يتصدره إلا
الجهابذة النقاد المتقنون ، وفائدته تنبئ عن شرفه وعلو مكانته ، وتأتي أهمية هذا
العلم الجليل من أهمية ما يقصده وهو الحديث النبوي الشريف من حيث دراسة حال الرواة
ومعرفتهم ومحلهم من السند والكشف عن الأسانيد ومعرفة صحيحها من سقيمها .
وإذا علمنا أن علم الحديث يقوم على أصول منها الإسناد
وهو خصيصة من خصائص هذه الأمة التي انفردت بها دون سائر الأمم كما قال الإمام ابن حزم
رحمه الله : " نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال
، خصَّ الله به المسلمين دون سائر الملل ، وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير
من اليهود ؛ ولكن لا يقربون فيه من موسى قربنا من محمد صلى الله عليه وسلم ، بل يقفون
بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصراً ، وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه .
ومن قبله قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد
لقال من شاء ما شاء. وقال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله : لم يكونوا يسألون عن
الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ
حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم .
كما وتأتي أهمية هذا العلم من أهمية ما يتعلق فيه من
علوم ، فالمفسر لا غنى له عن علم الجرح والتعديل وتمحيص الروايات والآثار المتعلقة
بالتفسير وأسباب النزول وغير ذلك ، وفائدة هذا التمحيص أن تعمل وتتدبر كتاب الله
تعالى على مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم .
كذلك الفقيه بحاجة إلى علم الحديث لأنه عمدة الدليل ،
والمرتبة الثانية من مراتب التشريع ، ولا يستطيع الفقيه أن يستدل إلا وفق الحديث
الصحيح . ومن هنا تأتي فائدة الجرح والتعديل في تمييز الروايات ومعرفة الصحيح من
السقيم لمعرفة ما يعمل به وما لا يعمل .
وكذلك أصحاب الاعتقاد يحتاجون إلى علم الحديث لإثبات
أبواب الأسماء والأحكام ، والأسماء والصفات وغيرها من أبواب ومسائل ، وذلك أنه لا
سبيل للاعتقاد الصحيح إلا بالاستدلال بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه
وسلم .
وبمعرفة حاجة أهل كل علم من العلوم الشرعية لعلم الحديث
ندرك أهميته ومن معرفته يتبين أهمية علم الجرح والتعديل وأنه أساس هذا العلم
ومتوقف عليه من حيث الوقوف على حال راوي الحديث جرحاً وتعديلاً .
ويمكن إجمال أهميته في :
1- حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمييز صحيح
الحديث من ضعيفه .
2- معرفة الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ومن دونهم .
3- معرفة حال كل راوي وما يتعلق به جرحاً وتعديلاً .
وكتبه
ناجي بن إبراهيم الدوسري
13 / جمادى الآخر / 1437هـ
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد